في قلب مدينة الباحة، تستطيع أن تلمح مبنىً حديث الإنشاء، تبدو جدرانه كأنها خلية نحل عملاقة، وعندما تدخله سترى أنه أشبه بخلية نحل حقيقية، إذ ستجد عملًا دؤوبًا وتدريبًا وورش عمل، ومحاضرات يقدِّمها خبراء في تربية النحل، وتجارب عملية وأفلام تعليمية عن النحل، إنه معهد جمعية النحالين التعاونية الدولي للتدريب، وهو جزء من مشروع مميَّز تدعمه أرامكو السعودية في الباحة لتدريب ذوي الدخل المحدود على إنتاج العسل.
رؤية المملكة.. نتعلَّم لنعمل
يأتي هذا المشروع تماشيًا مع رؤية المملكة 2030، والمتمثلة في ترسيخ مبدأ "نتَعَلم لنَعمل" ويهدف إلى تزويد أفراد المجتمع بالمعارف والمهارات اللازمة التي تمكِّنهم من إنشاء مشاريعهم وإدارتها وتطويرها. ومن مخُرجات هذا المشروع تأهيل نحالين جدد مدربين على طرق تربية النحل الحديثة، ودعم الشباب للحصول على مصدر دخل إضافي، والإسهام في خلق فرص عمل في مجالات حرفية جديدة، ونشر مهنة تربية النحل بين أوساط المجتمع.
ولأنَّ أرامكو السعودية عنصر فاعل في تنفيذ هذه الرؤية، فقد أخذت زمام المبادرة بتنفيذ عدد من المشاريع التي تُسهم في تمكين المواطن السعودي وتأهيله، وذلك بالإضافة إلى مشاريعها التي عكفت على تنفيذها في مختلف مناطق المملكة.
وقال رئيس قسم المواطنة بإدارة أعمال العلاقات العامة، خالد السبيعي، إن المبادرة التي تتم بالشراكة مع جمعية النحالين التعاونية في الباحة ومجموعة المجدوعي تقوم على تنفيذ ستة مشاريع، هي دراسة وتقييم واقع تربية النحل في الباحة، ومشروع تنويع منتجات النحل وزيادة العائد المادي للنحالين، ومشروع تأهيل جمعية النحالين التعاونية في الباحة لإنتاج العسل العضوي، وإنشاء مركز للتدريب على إنتاج النحل، وتدريب الشباب على تربية النحل ومساعدته على بدء الإنتاج، وأخيرًا مشروع تنمية المراعي الرئيسة للنحل.
وأكد أن هذا المشروع يسير بخطًى ثابتة، فتم الانتهاء من بناء المركز، ويجري تدريب ذوي الدخل المحدود على تربية النحل، والذين سوف يتسلمون أعدادًا من خلايا النحل ومستلزمات الإنتاج، كما تمَّت تهيئة المراعي الطبيعية للنحل من خلال استزراع عدد من أفضل نباتات مصادر العسل الجيد، مثل شجرة السدر، إذ تم استزراع ما يقرب من 50 ألف شتلة من هذه النباتات.
تنمية الشركاء
لا يتوقف دور أرامكو السعودية على التخطيط والتنفيذ للمشروع بنجاح فقط، بل يتعدى ذلك لتنمية الشركاء من المجتمع المدني؛ ولذلك فإن جزءًا من المشروع هو التعاون مع جمعية النحالين التعاونية لتحقيق أهدافها.
أشار السبيعي إلى أن الدورات التدريبية متاحة لجميع المشاركين من جميع مناطق المملكة، أما المشاريع الصغيرة فهي مخصصة للمتدربين من جميع محافظات منطقة الباحة، موضحًا أنه ستكون هناك وسائل لنقل المتدرِّبين لمقر التدريب إذا زاد عدد الراغبين في التدريب على عشرة متدربين من أي محافظة.
وعن الميزات التي يحصل عليها المتدرِّب، فإنها تشمل حضوره دورة تدريبية تطبيقية مكثفة، ومنحه شهادة معتمدة من المؤسسة العامة للتدريب التقني والمهني، وكرسي المهندس بقشان لأبحاث النحل بجامعة الملك سعود، وتأسيس مشروع منحل صغير مكوَّن من خمس خلايا مع النحل بالإضافة إلى أدوات فحص الخلايا، وحصوله على كتابي الدورة اللذين تم إعدادهما بأسلوب يتناسب مع المستوى العلمي والمهني المتفاوت للمتدرِّبين. بالإضافة إلى إشراف وزيارات مجانية للمشروع من قبل فنيي الجمعية، وخدمة الفرز المجانية للعسل والتعبئة والتسويق بأسعار رمزية، وتسويق الجمعية لمنتجات المشروع أو شراء المنتجات بالكامل حسب رغبة صاحب المشروع.
أحدث طرق تربية النحل
أوضح رئيس مجلس إدارة جمعية النحالين التعاونية، الدكتور أحمد الخازم، أن أهداف الجمعية في هذا المشروع تتمثل في استقطاب شباب جدد لتدريبهم على أحدث طرق تربية النحل، إذ إن معظم النحالين الذين يمارسون المهنة هذه الأيام يستخدمون الطرق التقليدية في التربية، مما أدى إلى انخفاض إنتاجهم وعدم الاستفادة المُثلى من النحل، بالإضافة إلى ضعف جودة المنتجات. وتنفذ الجمعية حاليًا هذا المشروع بدعم وشراكة مع أرامكو السعودية، بحيث يتم تدريب الشباب مجانًا، ثم يُمنحون مشاريع صغيرة بعد اجتياز الدورة التدريبية المركزة بنجاح.
ومن ضمن ميزات المشروع هو حصول المتدرِّب على مشروع صغير يشتمل على خلية وطردين من النحل وأدوات فحصٍ، وإشرافٍ لمدة عام يشتمل على زيارات لفنيي النحل عند الحاجة والمساعدة في عملية فرز العسل والتسويق عند الحاجة أو شراء الجمعية للعسل بسعر السوق والمساعدة في المشاركة في مهرجان العسل.